التفاصيل

"إن السوق العقاري يُعد ركناً أساسياً في المنظومة الاقتصادية العالمية، ولذلك تبذل شركة المزايا القابضة ما بوسعها لإبقاء عملائها على اطلاع على آخر التطورات وأحدث المستجدات في السوق العقاري، ولاتخاذ قرار استثماري سليم، يرجى التكرم بزيارة أرشيفنا لمعرفة المزيد عن السوق العقاري الاقليمي والعالمي."

January-week 1

تقرير المزايا: الاقتصاد العالمي أمام اختبار حقيقي

في ظل تقلبات أسعار الفائدة ومؤشرات نمو قطاعي المال والعقار

لم تعد القرارات الحكومية المحلية وحدها هي من يقود ويؤثر على مؤشرات النمو الحقيقية وغير الحقيقية التي تشهدها اقتصاديات دول العالم، فبالإضافة إلى خطط واستراتيجيات النمو الجاري تنفيذها وتلك التي في طور التنفيذ تُسجل نسب النمو والانتعاش الاقتصادي أو التراجع والكساد. وبات واضحا أن هناك قرارات ومؤشرات أكثر أهمية ولها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على اقتصاديات الدول تأتي نتيجة اتخاذ كبريات الدول قرارات مصيرية ذات علاقة بقيادة اقتصادها والسيطرة على مؤشرات النمو والحد من التضخم والكساد.

يذكر أن عدداً كبيراً من الدول باتت لا تملك المقدرة على وقف التأثير القادم سواء كان إيجابياً أو سلبياً نتيجة القرارات طويلة الاجل التي تم ويتم اتخاذها، بعيدا عن المؤشرات الاقتصادية المحلية لكل دولة، كما بات من المؤكد أن قدرات الدول على التعامل مع هذه التطورات وبشكل خاص ما قام به الفدرالي الامريكي من رفع لأسعار الفائدة خلال الاسبوع الماضي متباينة ويصعب تقييم التأثير الايجابي والسلبي له بشكل مباشر، والثابت الوحيد هنا أن القرار الاخير من شأنه منح الاقتصاد الامريكي مزيدا من المرونة والجاذبية الاستثمارية ورفع حركة رؤوس الاموال باتجاه الاقتصاد الامريكي وبغض النظر عن تبعات ذلك على مستوى الاقتصاد العالمي.

ومن هنا يرى التقرير العقاري الأسبوعي لشركة المزايا القابضة أن الحاجة إلى قرارات من هذا النوع وعلى هذا المستوى من التأثير أصبحت ضرورية في الوقت الحالي، ذلك أن الاقتصاد العالمي يحتاج إلى وضعه في اختبار حقيقي ومباشر لمعرفة قوة الاقتصاد وحقيقة معدلات النمو المحققة منذ العام 2008، والمتوقع خلال الاعوام القادمة والبدء بتعديل خطط واستراتيجيات النمو والتنمية وفقا لنتائج الاختبار الحقيقي، مع الاخذ بعين الاعتبار أن على كل دولة اتخاذ ما يناسبها من قرارات مالية واقتصادية خاصة تعمل على تعظيم الاستفادة من قرار رفع سعر الفائدة على النظام المالي الامريكي والحد من تبعات ذلك على اقتصادياتها، ذلك أن رفع أسعار الفائدة لا يعني قيام كافة الدول برفع الفائدة تماشيا مع القرار وأن عدداً كبيراً من الدول لا تتمتع اقتصادياتها بمعدل فائدة صفري كما كان سائدا لدى النظام المالي الامريكي قبل اتخاذ قرار الرفع، حيث أن اتخاذ قرار تعديل أسعار الفائدة عن مستوياته السابقة من شأنه أن يُحمل اقتصاديات عدداً كبيراً من الدول أعباء مالية وعجوزات جديدة ودون أن ينعكس ذلك إيجابا على أي شيء، مما يعني القيام باتخاذ تدابير وقائية بالإضافة إلى اتخاذ قرارات تدريجية تتصل بحجم التأثير على القطاعات المالية والاقتصادية وفقا لمستوى التداخل والعلاقات المالية الاقتصادية بين الاقتصاد الامريكي وباقي الدول حول العالم.

وحول تأثير قرار رفع سعر الفائدة على القطاع العقاري والمالي على مستوى الاقتصادي الامريكي والاقتصاد العالمي، يقول تقرير المزايا أن رفع الفدرالي الامريكي لأسعار الفائدة لن يؤثر على كافة انواع الفائدة حيث سيتركز التأثير على أسعار الفائدة قصيرة الاجل مثل العوائد على صناديق أسواق المال في حين سوف لن تؤثر على معدلات الرهون العقارية طويلة الاجل والفوائد على القروض الاستهلاكية، وسيكون التأثير متركزا على معدلات أسعار الفائدة على بطاقات الائتمان، مع التأكيد هنا أن هناك تغيرات ملموسة ستظهر على معدلات أسعار الفائدة المقدمة للعملاء وفقا للموقف الائتماني لطالب القرض، حيث سيتكبد الافراد أصحاب القدرات الائتمانية الاقل جدارة والضعيفة نسب فوائد أعلى بسبب ارتفاع المخاطر، فيما سينطبق الامر ذاته على الشركات والحكومات التي تعمل على الحصول على التمويل من خلال إصدار سندات أو بيعها، وستنعكس هذه الاتجاهات إيجابا على المدى القصير على المدخرين ذلك أن عوائد شهادات الايداع وصناديق أسواق المال وأذونات الخزينة سترتفع بعد أن ظلت منخفضة لفترة طويلة.

وعلى صعيد والسندات سيكون لذلك تأثيرات متباينة أيضا حيث ستؤثر اسعار الفائدة المرتفعة سلبا على السندات نظرا لتوقعات ارتفاع معدلات التضخم، أما على صعيد الاسهم فالأمر مختلف، حيث أن ارتفاع أسعار الفائدة يعني زيادة النمو الاقتصادي، بما يؤدي إلى ارتفاع أرباح الشركات وزيادة إيراداتها وهذا يرجح ارتفاع أسعار الاسهم في الظروف المشابهة.

وأشار تقرير المزايا إلى أن هناك عوامل تأثير عديدة إيجابية وسلبية لرفع أسعار الفائدة على مستوى الاقتصاد الامريكي واقتصادات الدول، حيث يتطلب قرار رفع الفائدة دراسة وتقييم معدلات البطالة لدى أي بلد، وقياس معدلات النمو والتباطؤ لدى قطاع العمل ومستوى التوظيف، ذلك أن رفع أسعار الفائدة سيكون مناسبا لدى الاقتصاديات التي تتمتع بمستوى تشغيل مرتفع ونسب بطالة منخفض ومعدلات أجور مرنة تتجاوب مع الظرف الاقتصادي المحيط، في المقابل فإن لمعدلات التضخم أهمية كبيرة في هذا السياق، حيث تتركز تقييمات البنوك المركزية حول العالم نحو مؤشر أسعار المستهلكين، بالإضافة إلى مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي وتركزها على السلع والخدمات، فاذا كان مؤشر أسعار المستهلكين أعلى من المستوى المستهدف سيكون لرفع أسعار الفائدة نتيجة سلبية وعكسية على المؤشرات الاقتصادية.

وعلى صعيد درجة الارتباط بين الاسواق العالمية ومؤشرات عدم الاستقرار التي يظهرها الاقتصاد العالمي منذ الازمة المالية بالإضافة إلى ارتفاع درجة الحساسية التي تظهرها اسواق المال العالمية حيال مؤشرات النمو للاقتصاد العالمي، فإن رفع أسعار الفائدة عند المستوى الحالي من شأنه فرض أعباء جديدة على العديد من الدول.

وعلى صعيد الدولار الأمريكي، فإن رفع أسعار الفائدة من شأنه أن ينعكس إيجابا وسيعمل على رفع قيمة الدولار وسيكون لذلك أيضا نتائج سلبية ملموسة على صافي الصادرات، حيث أن ارتقاع قيمة الدولار ستعمل على تخفيف الطلب على البضائع الامريكية بسبب ارتفاع تكلفتها، وفي المحصلة فإن رفع أسعار الفائدة سيكون له تأثيرات على أسعار صرف عملات عدد كبير من الدول الناشئة، وبالتالي القيام بتخفيض أكبر على قيمة هذه العملات وفي مقدمتها اليوان الصيني على سبيل المثال، في حين سيعمل الدولار القوي حاجزا أمام تطور ونمو اقتصادات الدول الناشئة، ويدفع باتجاه نزوح كبير لرؤوس الاموال من الدول الناشئة إلى الاقتصاد الامريكي للاستثمار في سوق الاسهم والعقار، وهذا يعني فرض مزيد من الضغوط على اقتصاديات الدول الناشئة والتي اصبحت تلعب دورا هاما في تحقيق الاستقرار والنمو للاقتصاد العالمي ككل.

بدوره تطرق تقرير المزايا إلى تأثيرات رفع الفيدرالي الامريكي لسعر الفائدة وما تبعه من رفع موازي لسعر الفائدة لدى المملكة العربية السعودية، فالمملكة تعتمد وبشكل كبير على إيرادات النفط والتي تراجعت بنسبة وصلت إلى النصف، وعلى الرغم من ذلك فقد استمرت المملكة بانتهاج سياسة نقدية توسعية خلال عامي 2014 و2015، حيث فضلت المملكة الابقاء على السياسة التوسعية، إلا أن هذا الاتجاه لن يستمر طويلا مع وجود توقعات باستمرار تراجع إسعار النفط ومع قيام الفيدرالي الامريكي فعليا برفع سعر الفائدة، والذي سيتبعه سياسية نقدية أكثر تشددا لدى النظام المالي الامريكي والسعودي على مستوى الانفاق الحكومي، بما يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي بشكل عام، وبالتالي فإن إتباع سياسية إنفاق توسعية في ظل رفع أسعار الفائدة وارتباط الريال بالدولار سيكون غير ممكننا، وفي هذا السياق سيكون لقرارات التشدد تأثيرات ملموسة على تكاليف التمويل طويل الاجل وستتأثر معدلات تمويل شراء السلع المعمرة والعقارات، في الوقت الذي تشكل فيه الفائدة جزءً كبيراً من اقساط القروض العقارية، وسيؤثر ذلك على قدرة وملاءة المواطنين من شراء العقارات المناسبة، الامر الذي يرجح أن تتأثر السوق العقارية سلبا نتيجة رفع أسعار الفائدة مع التأكيد هنا على أن هذه النتائج قابلة للحدوث لدى كافة الاسواق التي ترتبط عملاتها المحلية بالدولار الامريكي بشكل تام.

ووفقا للتطورات الاخيرة فقد بات من المؤكد – يقول تقرير المزايا – أن تواجه الدول الناشئة المزيد من الضغوط وقد تتسبب بحدوث اضطرابات في الاسواق العالمية، وزعزعة اقتصاديات البلدان الناشئة والتي تخشى من اتجاه المستثمرين على شراء الدولار، وستتضاعف التأثيرات السلبية على الاسواق الناشئة وفقا لتصريحات البنك الدولي بهذا الخصوص، اذا ما تم إعادة توجيه التدفقات النقدية باتجاه الاصول الامريكية، الامر الذي يرجح حدوث اضطرابات اقتصادية إذا ما شهدت تسارعا على وتيرة خروج رؤوس الاموال، يذكر أن أربعة بنوك مركزية خليجية كانت قد رفعت الفائدة بعد قرار الفيدرالي الامريكي وهي المركزي السعودي والكويتي والبحريني والاماراتي، مع التأكيد هنا على أن الكثير من اقتصاديات الدول النامية أصبحت أكثر متانة وقدرة على مواجهة انعكاسات رفع معدلات الفائدة.